Entretien N°4 : Mustapha Boudghiya
هل سبق لك أن ناضلت داخل حزب سياسي أو منظمة للمجتمع المدني قبل حركة 02 فبراير؟
نعم كنت عضوا في حزب “اليسار الاشتراكي الموحد” ، الذي أصبح فيما بعد “الحزب الاشتراكي الموحد”..وتحملت
مسؤوليات في مكاتب الفرع المتعاقبة،منذ تأسيسه إلى اليوم..كما أنشط في “الجمعية المغربية لحقوق
الانسان”..ونشطت سابقا في الحركة الطلابية..ونشطت وما زلت أنشط في الجمعيات ذات المنحى الثقافي
التنويري ..
– لماذا اخترت النضال داخل الحركة؟ حدثنا عن أول لقاء لك مع الحركة؟
لم أختر النضال داخل الحركة..بل وجدت نفسي داخلها..ليس منساقا ..بل برؤية ونظرية سياسية أدافع
عنه..واللقاء تم في اول تظاهرة خرجت في تطوان..وبعدها تلقينا تعميما حزبيا من المكتب السياسي..يشير إلى
تقديم كل الدعم اللوجستيكي والمعنوي ل 02 فبراير..وأصبح مقر الحزب بتطوان مكانا لاجتماعات شباب
02 فبراير..كما أننا عنصر حاضر باستمرار ماديا ومعنويا قي “تنسيقية الدعم “..
– ما هي القيم والقضايا التي تدافع عنها شخصيا داخل الحركة؟
نحن ندافع عن مجتمع ديموقراطي تعددي ..وعن قضايا محاربة الفساد)الرشوة..نهب المال العام..المحسوبية
والزبونية..وسياسة الهبات..واقتصاد الريع(..ندافع عن ملكية برلمانية..يسود فيها الملك ولا يحكم..وتأسيس الوزارة
الأولى المسؤولة أمام الشعب..على الاختبارات السياسية..وتفعيل مبدأ المحاسبة..وعدم الافلات من
العقاب..وانتخابات نزيهة ..غير مزورة..ومحاربة استعمال المال في الانتخابات..وفصل حقيقي للسلط..وخاصة
القضاء..ودسترة حرية الرأي والتعبير والعقيدة..وإقرار الحق في الاختلاف…..الخ
– هل كل مكونات الحركة تدافع عن مثل هذه القيم والقضايا؟
لا..ليست كل مكونات 02 فبراير تدافع عن هذا الطرح جملة وتفصيلا..ولكن هناك تقاطعات..هناك من لايزال يعتقد
بجدى الدفاع عن الجمهورية..وهنا من يعتقد في أسلمة المجتمع..والخلافة..ولكن هذه الطروحات لا يملك أصحابها
جرأة الجهر بها..ولهذا فهدفهم الآن هو دفع الحركة خارج سقفها ..أي المطالب العشرة..وترك العنان لغليان
الشارع..دون تحديد أي هدف..اللهم الهدف الفضفاض..محاربة الفساد ..
– كيف يتم تذويب الخلافات داخل تنسيقيات الحركة؟
لا يتم تذويب أي خلاف..بل يتم السكوت عن هذه الخلافات..وتأجيلها..وهنا مكمن الخطورة في الحركة..لأنها لا
تأسس لأي تقليد ديموقراطي..إذا كانت الديموقراطية هي بصورة من الصور..”القدرة على تدبير الاختلافات”..غبر
لعبة التنازلات..والإقناع بالحوار والحجج ..
– ما هو في نظركم الدور الذي لعبته أنترنت والشبكات الاجتماعية في التعبئة لصالح الحركة وإشعاعها؟
الحركة هي أساسا نتاج الثورة التكنولوجية التي حصلت في مجال التواصل والاتصالات أما الأحزاب التي التحقت
بها قد واحلت الركوب عليها وخاصة التي كانت مكبوتة وغير قادرة على التعبير عن آرائها المتطرفةوالتي تختصر في
الدعوة للحزب الواحدتحت أي مضمون كان يساري أو إسلامي ..إنها حركات سياسية غقصائية في عمقها..ولا
تختلف كثيرا عن بنية الاستبداد القائمة أصلا..اللهم في الشعارات الفضفاضة..لكن الحركة التي خرجت من فضاء لا
محدود..وحررت قضايا الشأن العام من المقرات والدوائر الضيقة..هل تستطيع مثل هذه الأحزاب السيطرة
عليها؟؟..هذا هو السؤال ..
– أي دور لعبته الصور المأخوذة عبر الهواتف المحمولة والمنقولة في الشبكات الاجتماعية في تطور الحركة
وإشعاعها؟
طبيعي أن تظهر مع ثور التواصل والاتصالات..ظواهر غير مسبوقة..منها ظاهرة المواطن-الصحافي الميداني..الذي
الحدث من المكان..وفور حدوثه..وينشره مباشرة على المواقع الالكترونية..فينتشر الخبر بسرعة البرق..وهذا ما
صعب مهمة الضبط والقمع التي تقوم بها الأنظمة الاستبدادية..إذ أصبحت المجتمعات مبنية من زجاج شفاف..كل
ما يجري داخلها..تراه عيون العالم..تقريبا في نفس اللحظة التي يحصل فيها..وهذه ميزة طبعا لصالح الشعوب ضد
جلاديها..وفي صالح التطور الديموقراطي..وتضامن الشعوب مع بعضها ..ضد أنظمة القمع والاستبداد.. ولكن في
المقابل ..نجد أيضا فوضى إعلامية غير مسبوقة..حبث فبركة الأحداث والصور..ونشر صور كاذبة..أو منقولة من مكان
لتعبر عما يحدث في مكان آخر..ومن زمان لنعبر عن زمان آخر..وأمام عدم دربة المواطن البسيط على التعامل مع
المعلومة..تحدث فوضى..واعتداء واضح على الحقيقة ..
– لماذا اختيار النضال في الشارع بدلا عن المؤسسات)البرلمان والمجالس والمجالس المنتخبة مثلا(؟
اللجوء إلى الشارع كان نتيجة احتقان اجتماعي واقتصادي وأساسا سياسي،نتيجة الاستبداد والقمع
الشديد..ونتيجة أيضا فساد المؤسسات ذات الصلة..وجميع المؤسسات الأخرى بما فيها التعليم والصحة..لكن
القضايا السياسية لا تحل في الشارع..لا بد من العودة إلى المؤسسات..وليس هناك تناقض بين النضال في
الشارع والنضال داخل المؤسسات..هناك جدلية وتفاعل..إلا بالنسبة إلى دعاة الحزب الواحد ..
– ما هو مستقبل الحركة في نظركم؟
هذه الحركة وجدت لكي تبقى وتدوم..وسوف تكون شكلا من أشكال المجتمع المدني..أو صيغة من صيغه..وسوف
تؤسس للسلطة المضادة التي تحدث عنها فلاسفة التنوير..كدعامة أساسية لكل مجتمع ديموقراطي..وسوف
تكون ضد الدولة باعتبارها حزبا سريا غير معلن مادامت فاعلة سياسية..وضد أية حزب إقصائي لا
ديموقراطي..محتكر للحقيقة السياسية..لكن تنتظرها سنوات من النضج السياسي والمدني ..
– في نظركم هل توجد هناك علاقة بين الحركة والحركات الاحتجاجية في العالم العربي؟ وكيف تؤثر هذه
الأخير في التعبئة داخل المغرب؟
طبعا توجد علاقة وثيقة بين مجموع الحركات الاحتجاجية في العالم والعربي..وخارج العالم العربي..لقد كنا في
السبعينيات نتابع الحركات الثورية في العالم..وقبلها في الستينيات كان يتابعها جيل ما قبلنا..فكيف الآن مع تطور
تقنيات الاتصال والتواصل ..أظن أن المهيمنين على القرار السياسي العالمي…سيواجهون في المستقبل..شعوبا
أكثر تنظيما وتواصلا وتضامنا ..
– ما هو المغرب الذي تحلم به شخصيا وما الوقت اللازم في نظركم لتحقيق ذلك؟
أحلم بمغرب ديموقراطي تعددي تنافسي..يؤمن بالتناوب السلمي على السلطة..ومبني عل دولة الحق
والقانون..وخال من الفساد والمفسدين..ويتوفر على اقتصاد متطور وتنموي..قادر على المنافسة..ومتجاوز لاقتصاد
الريع والهبات..مغرب الكفاءات لا مغرب المحسوبية والزبونية..مغرب خال من الرشوة..الملك يسود ولا
يحكم..مؤسسة الوزارة الولى المستقلة بقرارها السياسي..والوزير الأول خارج من صناديق الاقتراح..نواب البرلمان
نواب العمل..لا النوم والكسل وقضاء المصالح الشخصية..أن تختفي ظاهرة الأعيان والعائلات الكبرى المحتكرة
للاقتصاد والمال والسياسة..مغرب الحرية الفردية..وحرية الرأي والتعبير والمعتقد..مغرب قارئ ومترجم
للكتب..مغرب ذو نظام تعليمي وصحي متطور وكفء..مغرب يوفر خدمات متطورة وفعالة للمواطنين..مغرب المواطنة
والكرامة والحرية والعدالة..لا مغرب الرعايا